أسباب تخلف العرب وتقدم غيرهم
في الهند ديمقراطية تنافس الديمقراطيات الغربية في تقاليدها الراسخة، واحترامها لحقوق الإنسان، وَفِي الوقت نفسه تمكنت الهند تِلْكَ الدَّوْلَة الَّتِي تضم افقر البشر من وضع قدميها في قِمَّة الدُّوَل المنتجة للبرمجيات، وَفِي الهند نفسها احترام لِحُقُوق الإنسان، ربَّمَا غَيْر موجود في بَعْض الدُّوَل المتقدمة.. فلماذا تقدمت الهند – بَلَد عباد البقر – حسب الصُّورَة السائدة في أذهان العرب، بَينَما بتنا – اقصد نَحْنُ العرب- نحلم بان نبقى في مواقعنا، والا نصحو من النوم لنجد أنفسنا قَدْ اصبنا بمزيد من التخلف؟ ( العربي اليَوْم لا يحلم بالتقدم بَلْ بعدم التراجع).
لِمَاذَا استطاعت الكَثِير من الدُّوَل ان تتطور وتتقدم، وتحصل عَلَى مؤشرات جيدة في تقارير التنمية البشرية العالمية بَينَما لَمْ يَحْصل هَذَا في الدُّوَل العَرَبية؟ وَلِمَاذَا استطاعت دولة مسخ مثل دولة الكيان الصهيوني ان تذل العرب، وتمرغ انوفهم في التراب؟
حسب خبرتي المتواضعة، اعتقد ان هُنَاكَ... تجعلنا متخلفين عَنْ العالم، وان كنا نمتلك احدث موديلات الخلويات، وَالسَّيَّارات، وأجهزة الحَاسُوُب، وَهَذِهِ الأسباب هِيَ:
أولاً: عدم قدرتنا عَلَى تقبل النقد، وعزو أي نقد يوجه نحونا إلى الغيرة، والحقد، والمؤمراة، والبغض، وغيرها من الأسباب. فتقبل النقد يجعل الإنسان يَشْعر بعيوبه أولاً، وَيَسْتَطِيع من خلالها ان يُطوِّر نفسه كَثِيراً.
ثَانِياً: غياب العدل، ولا اقصد بِهِ فَقَط عدل الحكومات والحكام، فَهذا أمر مفروغ مِنْهُ، بَلْ اقصد العدل عند النَّاس العاديين، فيكفي ان تَكُون مَسْؤولاً عَنْ شَخْص آخر، حَتْى لَوْ كانَ مراسلا أوْ فراشا مثلك لتظلمه، وتذيقه كل أشكال العذاب النفسي، وَربَّمَا البدني.
ثالثاً: عدم احترام المرأة، نسمع كَثِيراً عَنْ جمل جاهِزَة وكليشيهات عَنْ الحقوق الَّتِي أعطاها الإسلام للمرأة، وَأنا اتفق ان الإسلام فِعْلا أعطى المرأة حقوقها، لَكِنَّنِي لا اتفق مَع مقولة ان المسلمين يفعلون ذلِكَ، فشتان بَيْنَ الإسلام العظيم، والمسلمين..
رابعاً: عدم الإيمان بالعلم وَالبَحْث العلمي. والغريب ان جامعات العرب كلها لا تَسْتَطِيع إنتاج أبحاث حقيقية تضيف للعلم شيئاً، وَيَكْفِي ان تجلس مَع أستاذ دكتور في مادة عِلْمِية، لتكتشف انه لَمْ يجر أي تَجْرُبة حقيقية في حياته.
خامساً: الانفكاك بَيْنَ ما نؤمن بِهِ وما نطبقه في حَيَاتنَا.
سادساً: فهم الدين بِشَكْل غَيْر صَحِيح، وسيادة العقلية السلفية الَّتِي تَقُوم بتحنيط النصوص الدينية، والعقول، ولا تسمح للاجتهاد، والعقل ان ينطلق ويتفاعل مَع النص بِشَكْل صَحِيح.
سابعاً: سيادة العقلية العشائرية والطائفية والعنصرية، وَالتَعَامُل مَع الآخرين عَلَى هَذَا الأساس، وَليْسَ عَلَى أساس التَعَامُل الحسن.
ثامناً: غياب مفهوم العدالة في التعيين، وشيوع مفهوم الواسطة، والقفز عَلَى الوظائف العامة.
تاسعاً: عدم وضوح مفهوم الدَّوْلَة في أذهان النَّاس، والاعتماد عَلَيْهَا في كل شَيء.
عاشراً: سيادة مفهوم الحصاد، ونسيان الزراعة في العقلية العَرَبية. فالعربي يُرِيد ان يرى ثمار، لكِنَّهُ لا يُفَكِّر بالزراعة أبداً وهَذَا المنطق الأعوج يجعله يبتعد كَثِيراً عَنْ دائرة الإنتاج الفعلي في مُخْتَلِف جوانب الْحَياة، ولعل ذلِكَ راجع بالأساس إلى عقليته البدوية القائمة عَلَى الجمع والغزو، لا الزراعة والعناية بِمَا يزرع.
حادي عشر: انعدام الإيمان بالاتقان بالعمل، وَالبَحْث عَنْ الكم لا النوع.
ثاني عشر: الديكاتورية وغياب الديمقراطية الحقيقية.
ربَّمَا كانَ هُنَاكَ أسباب أخْرَى للتخلف، لَكِن هَذِهِ هِيَ أهم أسبابه، وللأسف فإننا ما زِلْنَا بعيدين عَنْ تطهير أنفسنا من هَذِهِ العيوب، ولعل اليَوْم الَّذِي نبدأ فِيهِ بالتطور، ويبدأ فِيهِ العربي بالحلم بالتقدم يَكُون قَرِيباً.